سورة إبراهيم - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (إبراهيم)


        


قوله عز وجل: {وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ} يسلِّم بعضهم على بعض، وتسلِّم الملائكة عليهم.
وقيل: المحيِّي بالسلام هو الله عز وجل.
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مثلا} ألم تعلم، والمَثَلُ: قول سائر لتشبيه شيء بشيء. {كَلِمَةً طَيِّبَةً} وهي قول: لا إله إلا الله، {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} وهي النخلة يريد كشجرة طيبة الثمر.
وقال ظبيان عن ابن عباس هي شجرة في الجنة.
{أَصْلُهَا ثَابِتٌ} في الأرض، {وَفَرْعُهَا} أعلاها، {فِي السَّمَاءِ} كذلك أصل هذه الكلمة: راسخٌ في قلب المؤمن بالمعرفة والتصديق، فإذا تكلم بها عرجت، فلا تحجب حتى تنتهي إلى الله عز وجل. قال الله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر- 10].


{تُؤْتِي أُكُلَهَا} تعطي ثمرها، {كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} والحين في اللغة هو الوقت.
وقد اختلفوا في معناه هاهنا فقال مجاهد وعكرمة: الحين ها هنا: سنة كاملة، لأن النخلة تثمر كل سنة.
وقال سعيد بن جبير وقتادة والحسن: ستة أشهر من وقت إطلاعها إلى صرامها. ورُوي ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وقيل: أربعة أشهر من حين ظهورها إلى إدراكها.
وقال سعيد بن المسيب: شهران من حين تؤكل إلى حين الصرام.
وقال الربيع بن أنس: {كل حين}: أي: كل غدوة وعشية، لأن ثمر النخل يؤكل أبدا ليلا ونهارًا، صيفًا وشتاءً، إما تمرًا أو رُطَبًا أو بُسْرًا، كذلك عملُ المؤمن يصعدُ أول النهار وآخره وبَركةُ إيمانه لا تنقطع أبدًا، بل تصل إليه في كل وقت.
والحكمةُ في تمثيل الإيمان بالشجرة: هي أن الشجرة لا تكون شجرة إلا بثلاثة أشياء: عِرق راسخ، وأصل قائم، وفرع عال، كذلك الإيمان لا يتم إلا بثلاثة أشياء: تصديق بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالأبدان.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي، أنبأنا أبو الحسن علي بن عبد الله الطيسفوني، أنبأنا عبد الله بن عمر الجوهري، أخبرنا أحمد بن علي الكشميهني، حدثنا علي بن حجر، حدثنا إسماعيل بن جعفر، حدثنا عبد الله بن دينار أنه سمع ابن عمر رضي الله عنهما يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ من الشجر شجرةً لا يسقط ورقُها، وإنها مثل المسلم فحدِّثوني ما هي؟ قال عبد الله: فوقع الناس في شجر البوادي، ووقع في نفسي أنها النخلة فاستحييت، ثم قالوا: حدِّثْنا ما هي يا رسول الله؟ قال: هي النخلة. قال عبد الله: فذكرت ذلك لعمر، فقال: لأنْ تكون قلتَ هي النخلة كان أحبَّ إلي من كذا وكذا».
وقيل: الحكمة في تشبيهها بالنخلة من بين سائر الأشجار: أن النخلة شبه الأشجار بالإنسان من حيثُ إنها إذا قطع رأسها يبست، وسائر الأشجار تتشعب من جوانبها بعد قطع رؤوسها ولأنها تشبه الإنسان في أنها لا تحمل إلا بالتلقيح ولأنها خلقت من فضل طينة آدم عليه السلام، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أكرموا عمتكم» قيل: ومَنْ عمتنا؟ قال: «النخلة» {وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}.


{وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ} وهي الشرك، {كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ} وهي الحنظل.
وقيل: هي الثوم.
وقيل: هي الكشوث وهي العَشَقَة {اجْتُثَّتْ} يعني انقلَعَتَ، {مِنْ فَوْقِ الأرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} ثبات.
معناه: وليس لها أصل ثابت في الأرض، ولا فرع صاعد إلى السماء، كذلك الكافر لا خير فيه، ولا يصعدُ له قول طيب ولا عمل صالح.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8